17 - 07 - 2024

عجايب غراب أبيض | تتشرف"نوبل للسلام" بأطباء غزة

عجايب غراب أبيض | تتشرف

لو أنصفت جائزة "نوبل " العالمية لتوجت جائزة السلام هذا العام أطباء وممرضي غزة، ولما بذلوه من أجل المصابين والمرضى بالقطاع، ولشعبهم الفلسطيني والإنسانية. 

لا أجد من يستحق "نوبل للسلام" أكثر ممن سطروا ومازالوا ملحمة هذا الصمود الأسطوري في كل مستشفيات غزة. وقد أصبحت معلومة من الناس في مختلف أنحاء العالم باسمائها ومواقعها وبأحوالها وحصارها وقصفها واقتحامها واستهدافها بالمجازر الهمجية.

تتشرف "نوبل للسلام"بهؤلاء العاملين بلا كلل ولاتعب ولا يأس ، الصامدين  في محرقة الجوع والعطش وقطع الكهرباء والوقود والاتصالات ونقص المستلزمات الطبية والأدوية، وتحت نيران الأسلحة الفتاكة المحرمة دوليا بلا نوم أو راحة،وفيما يعلمون كلما تمكنوا باستشهاد ابنائهم وأحبتهم خارجها، أو يتوقعونه في كل لحظة.

 تتشرف كل الجوائز والتكريمات العالمية بهؤلاء البشر الأبطال، من بقي لرعاية حالات حرجة و أطفال مبتسرين، ومن غادر منهم قسرا باكين مستشفياتهم وغرف العناية المركزة والعمليات تحت حراب المحتل وتهديداته حاملين على أكتافهم المرهقة الواهنة من تبقى من جرحاهم ومرضاهم الذين لايستطيعون السير على الأقدام.  وقد شقوا طريقهم في مشاهد "خروج تراجيدية" باحثين عن مستشفى آخر مازال يعمل، وسط الظلام والبرد و الدمار والخراب وبقايا الجثث المتعفنة، ومعها صرخات استغاثة الجرحى والمرضى، وكل المشرفين على الموت بلا رحمة من قادة وجنرالات ورجال اقتصاد و صناعة سلاح وإعلام شركاء في الإجرام ، ومعهم الأكاذيب والإفتراءات العبثية المجنونة لاستباحة مستشفيات لا يوجد أي مبرر يسمح بالعدوان عليها. 

هم الأحق "بنوبل للسلام" في هذه المنطقة البائسة المنكوبة بالصهيونية والاستبداد، ومقارنة  بالدكتاتور "السادات" وشريكة السفاح "بيجين" في جائزة عام 1978 غير المستحقة. وحتى تنصفهم هذه الجائزة العالمية، إن تعقلت وأنصفت وتخلصت من الأهواء الفاسدة أو تخترع الإنسانية لهم جائزة أرقى وأهم وأعدل، لابد أن ترتفع في ميادين المدن العربية وغيرها من حواضر الشعوب المحبة للحرية والسلام تماثيل ونصب تذكارية ولافتات تحيي وتخلد نضالهم الإنساني والوطني والتحرري. وبالطبع هم الأحق بهذا الحضور في كل الفضاءات العامة الممكنة من أي زعيم يحكم، وبخاصة من نوعية الطغاة الأبديين في "دولة الشخص". 

ينحني الإنسان، إذا لم يكن فقد آدميته بعد، ليقبل قدم كل واحد منهم. ويتمنى مبادرة نقابة الأطباء المصريين ومن القاهرة إلى تكريمهم بما يليق، ومن بينهم مايزيد على المائتي شهيد بين الأطباء وحدهم، وأعداد أخرى من زملائهم ومساعديهم شهداء وجرحى ومختطفين معتقلين عند الاحتلال. 

 وعجايب!
--------------------------
بقلم: كارم يحيى

 

مقالات اخرى للكاتب

عجايب غراب أبيض | كوباية شاي وشقة طعمية